فصل: كونه هدي وهاديًا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.وثانيها: القرآن:

{قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هذا القرءان} [الإسراء: 88] {إِنَّا جعلناه قُرْءانًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنزِلَ فِيهِ القرآن} [البقرة: 185].
{إِنَّ هذا القرءان يَهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] وللمفسرين فيه قولان: أحدهما: قول ابن عباس أن القرآن والقراءة واحد، كالخسران والخسارة واحد، والدليل عليه قوله: {فَإِذَا قرأناه فاتبع قُرْءانَهُ} [القيامة: 18] أي تلاوته، أي إذا تلوناه عليك فاتبع تلاوته: الثاني: وهو قول قتادة أنه مصدر من قول القائل: قرأت الماء في الحوض إذا جمعته، وقال سفيان بن عيينة: سمي القرآن قرآنًا لأن الحروف جمعت فصارت كلمات، والكلمات جمعت فصارت آيات، والآيات جمعت فصارت سورًا، والسور جمعت فصارت قرآنًا، ثم جمع فيه علوم الأولين والآخرين.
فالحاصل أن اشتقاق لفظ القرآن إما من التلاوة أو من الجمعية.

.معنى الفرقان:

وثالثها: الفرقان:
{تَبَارَكَ الذي نَزَّلَ الفرقان على عَبْدِهِ} [الفرقان: 1].
{وبينات مِّنَ الهدى والفرقان} [البقرة: 185] واختلفوا في تفسيره، فقيل: سمي بذلك لأن نزوله كان متفرقًا أنزله في نيف وعشرين سنة، ودليله قوله تعالى: {وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ ونزلناه تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106] ونزلت سائر الكتب جملة واحدة، ووجه الحكمة فيه ذكرناه في سورة الفرقان في قوله تعالى: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ القرءان جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك} [الفرقان: 32] وقيل: سمي بذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، والمجمل والمبين، والمحكم والمؤول، وقيل: الفرقان هو النجاة، وهو قول عكرمة والسدي، وذلك لأن الخلق في ظلمات الضلالات فبالقرآن وجدوا النجاة، وعليه حمل المفسرون قوله: {وَإِذْ آتينا مُوسَى الكتاب والفرقان لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 53].

.معنى تسميته بالذكر:

ورابعها: الذكر، والتذكرة، والذكرى:
أما الذكر فقوله: {وهذا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أنزلناه} [الأنبياء: 50] {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} [الحجر: 9].
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44] وفيه وجهان: أحدهما: أنه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده فعرفهم تكاليفه وأوامره.
والثاني: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به، وأنه شرف لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمته، وأما التذكرة فقوله: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتَّقِينَ} [الحاقة: 48] وأما الذكرى فقوله تعالى: {وَذَكّرْ فَإِنَّ الذكرى تَنفَعُ المؤمنين} [الذاريات: 55].

.تسميته تنزيلًا وحديثًا:

وخامسها: التنزيل:
{وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ العالمين نَزَلَ بِهِ الروح الأمين} [الشعراء: 192- 193].

.وسادسها: الحديث:

{الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث كتابا} [الزمر: 23] سماه حديثًا؛ لأن وصوله إليك حديث، ولأنه تعالى شبهه بما يتحدث به، فإن الله خاطب به المكلفين.

.وسابعها: الموعظة:

{يا أيها الناس قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مّن رَّبّكُمْ} [يونس: 57] وهو في الحقيقة موعظة لأن القائل هو الله تعالى، والآخذ جبريل، والمستملي محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف لا تقع به الموعظة.

.تسميته بالحكم والحكمة:

وثامنها: الحكم، والحكمة، والحكيم، والمحكم:
أما الحكم فقوله: {وكذلك أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيّا} [الرعد: 37] وأما الحكمة فقوله: {حِكْمَةٌ بالغة} [القمر: 5] {واذكرن مَا يتلى في بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءايات الله والحكمة} [الأحزاب: 34] وأما الحكيم فقوله: {يس والقرءان الحكيم} [يس: 1- 2] وأما المحكم فقوله: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءاياته} [هود: 1].
معنى الحكمة:
واختلفوا في معنى الحكمة، فقال الخليل: هو مأخوذ من الإحكام والإلزام، وقال المؤرخ: هو مأخوذ من حكمة اللجام؛ لأنها تضبط الدابة، والحكمة تمنع من السفه.

.وتاسعها: الشفاء:

{وَنُنَزّلُ مِنَ القرءان مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82] وقوله: {وَشِفَاء لِمَا في الصدور} وفيه وجهان: أحدهما: أنه شفاء من الأمراض.
والثاني: أنه شفاء من مرض الكفر، لأنه تعالى وصف الكفر والشك بالمرض، فقال: {فِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} [البقرة: 10] وبالقرآن يزول كل شك عن القلب، فصح وصفه بأنه شفاء.

.كونه هدي وهاديًا:

وعاشرها: الهدى، والهادي:
أما الهدى فلقوله: {هُدًى لّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2].
{هُدًى لّلنَّاسِ} [آل عمران: 4، الأنعام: 91].
{وَشِفَاء لِمَا في الصدور وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] وأما الهادي {إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] وقالت الجن: {إِنا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِى إِلَى الرشد} [الجن: 1، 2].

.الحادي عشر: الصراط المستقيم:

قال ابن عباس في تفسيره: إنه القرآن، وقال: {وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا فاتبعوه}.

.والثاني عشر: الحبل:

{واعتصموا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا} [آل عمران: 103] في التفسير: إنه القرآن، وإنما سمي به لأن المعتصم به في أمور دينه يتخلص به من عقوبة الآخرة ونكال الدنيا، كما أن المتمسك بالحبل ينجو من الغرق والمهالك، ومن ذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم عصمة فقال: «إن هذا القرآن عصمة لمن اعتصم به» لأنه يعصم الناس من المعاصي.

.الثالث عشر: الرحمة:

{وَنُنَزّلُ مِنَ القرءان مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 88] وأي رحمة فوق التخليص من الجهالات والضلالات.

.تسميته بالروح:

الرابع عشر: الروح:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52].
{يُنَزّلُ الملائكة بالروح مِنْ أَمْرِهِ} [النحل: 2] وإنما سمي به لأنه سبب لحياة الأرواح، وسمي جبريل بالروح {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} [مريم: 17] وعيسى بالروح {ألقاها إلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ} [النساء: 171].

.الخامس عشر: القصص:

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص} [يوسف: 3] سمي به لأنه يجب اتباعه {وَقَالَتْ لأخْتِهِ قُصّيهِ} [القصص: 11] أي اتبعي أثره؛ أو لأن القرآن يتتبع قصص المتقدمين، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَهُوَ القصص الحق} [آل عمران: 62].

.السادس عشر: البيان، والتبيان، والمبين:

أما البيان فقوله: {هذا بَيَانٌ لّلنَّاسِ} [آل عمران: 138] والتبيان فهو قوله: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَانًا لّكُلّ شَئ} [النحل: 89] وأما المبين فقوله: {تِلْكَ ءايَاتُ الكتاب المبين} [يوسف: 1].

.السابع عشر: البصائر:

{هذا بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ} [الأعراف: 203] أي هي أدلة يبصر بها الحق تشبيهًا بالبصر الذي يرى طريق الخلاص.

.الثامن عشر: الفصل:

{إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هوَ بالهزل} [الطارق: 13- 14] واختلفوا فيه، فقيل معناه القضاء، لأن الله تعالى يقضي به بين الناس بالحق قيل لأنه يفصل بين الناس يوم القيامة فيهدي قومًا إلى الجنة ويسوق آخرين إلى النار، فمن جعله إمامه في الدنيا قاده إلى الجنة، ومن جعله وراءه ساقه إلى النار.

.تسميته بالنجوم:

التاسع عشر: النجوم:
{فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع النجوم} [الواقعة: 75] {والنجم إِذَا هوى} [النجم: 1] لأنه نزل نجمًا نجمًا.

.العشرون: المثاني:

{مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23] قيل لأنه ثنى فيه القصص والأخبار.

.تسميه القرآن نعمة وبرهانا:

الحادي والعشرون: النعمة:
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ} [الضحى: 11] قال ابن عباس يعني به القرآن.

.الثاني والعشرون: البرهان:

{قَدْ جَاءكُمْ بُرْهَانٌ مّن رَّبّكُمْ} [النساء: 174] وكيف لا يكون برهانًا وقد عجزت الفصحاء عن أن يأتوا بمثله.

.الثالث والعشرون: البشير والنذير:

وبهذا الاسم وقعت المشاركة بينه وبين الأنبياء قال تعالى في صفة الرسل: {مُبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [النساء: 165- الأنعام: 48] وقال في صفة محمد صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أرسلناك شَاهِدًا وَمُبَشّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: 8] وقال في صفة القرآن في حام السجدة {بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ} [فصلت: 4] يعني مبشرًا بالجنة لمن أطاع وبالنار منذرًا لمن عصى، ومن هاهنا نذكر الأسماء المشتركة بين الله تعالى وبين القرآن.

.تسميته قيمًا:

الرابع والعشرون: القيم:
{قِيمًا لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا} [الكهف: 2] والدين أيضًا قيم {ذلك الدين القيم} [التوبة: 36] والله سبحانه هو القيوم {الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحى القيوم} [البقرة: 255- آل عمران: 2] وإنما سمي قيمًا لأنه قائم بذاته في البيان والإفادة.

.الخامس والعشرون: المهيمن:

{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدّقًا لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] وهو مأخوذ من الأمين، وإنما وصف به لأنه من تمسك بالقرآن أمن الضرر في الدنيا والآخرة، والرب المهيمن أنزل الكتاب المهيمن على النبي الأمين لأجل قوم هم أمناء الله تعالى على خلقه كما قال: {وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى الناس} [البقرة: 143].

.السادس والعشرون: الهادي:

{إِنَّ هذا القرءان يِهْدِى لِلَّتِى هي أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] وقال: {يَهْدِى إِلَى الرشد} [الجن: 2] والله تعالى هو الهادي لأنه جاء في الخبر «النور الهادي».

.تسميته نورًا:

السابع والعشرون: النور:
{الله نُورُ السموات والأرض} [النور: 35] وفي القرآن {واتبعوا النور الذي أُنزِلَ مَعَهُ} [الأعراف: 157] يعني القرآن وسمي الرسول نورا {قَدْ جَاءكُمْ مّنَ الله نُورٌ وكتاب مُّبِين} [المائدة: 15] يعني محمد وسمي دينه نورًا {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله بأفواههم} [الصف: 8] وسمي بيانه نورًا {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ للإسلام فَهُوَ على نُورٍ مّن رَّبّهِ} [الزمر: 22] وسمي التوراة نورًا {إِنَّا أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44] وسمي الإنجيل نورًا {وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور} [المائدة: 46] وسمي الإيمان نورًا {يسعى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِم} [الحديد: 12].

.الثامن والعشرون: الحق:

ورد في الأسماء الباعث الشهيد الحق والقرآن حق {وَإِنَّهُ لَحَقُّ اليقين} [الحاقة: 51] فسماه الله حقًا؛ لأنه ضد الباطل فيزيل الباطل كما قال: {بَلْ نَقْذِفُ بالحق عَلَى الباطل فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18] أي ذاهب زائل.

.التاسع والعشرون: العزيز:

{وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} [الشعراء: 9] وفي صفة القرآن {وَإِنَّهُ لكتاب عَزِيزٌ} [فصلت: 41] والنبي عزيز: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} [التوبة: 128] والأمة عزيزة {وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] فرب عزيز أنزل كتابًا عزيزًا على نبي عزيز لأمة عزيزة، وللعزيز معنيان:
أحدهما: القاهر، والقرآن كذلك؛ لأنه هو الذي قهر الأعداء وامتنع على من أراد معارضته.
والثاني: أن لا يوجد مثله.

.تسمية القرآن بالكريم:

الثلاثون: الكريم:
{إِنَّهُ لَقُرْءانٌ كريم في كتاب مَّكْنُون} [الواقعة: 77] واعلم أنه تعالى سمى سبعة أشياء بالكريم {مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ الكريم} [الانفطار: 6] إذ لا جواد أجود منه، والقرآن بالكريم، لأنه لا يستفاد من كتاب من الحكم والعلوم ما يستفاد منه، وسمى موسى كريمًا {وَجَاءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ} [الدخان: 17] وسمي ثواب الأعمال كريمًا {فَبَشّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ} [يس: 11] وسمي عرشه كريمًا {الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ العرش الكريم} [النمل: 26] لأنه منزل الرحمة، وسمى جبريل كريمًا {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} [التكوير: 19] ومعناه أنه عزيز، وسمى كتاب سليمان كريمًا {إِنّى أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29] فهو كتاب كريم من رب كريم نزل به ملك كريم على نبي كريم لأجل أمة كريمة، فإذا تمسكوا به نالوا ثوابًا كريمًا.